مستجدات

(توضيح بخصوص القرار الاخير لسحب الهويات على ضوء قرار محكمة العليا (الحق ضد وزير الداخلية

 

توضيح بخصوص القرار الاخير لسحب الهويات

(على ضوء قرار محكمة العليا (الحق ضد وزير الداخلية)

 

بتاريخ 14 اذار 2017، أمرت المحكمة العليا بإرجاع وضعية الاقامة الدائمة للمواطن (عبد الحق) بصفة تدريجية، بموجب ذلك يمنح المواطن عبد الحق الهوية المؤقتة (أ5) لعامين متتاليين، وبعدها يمنح الهوية الدائمة بشروط.  وكانت هوية السيد "عبد الحق" قد سحبت عام 1989 بحجة مغادرته البلاد، وعمره ثلاث سنوات وبعد ذلك تجنسه بالجنسية الأمريكية.

هذا وقد أقرت المحكمة العليا الإسرائيلية بالإجماع في هذه السابقة القضائية التي قد تكون الأولى من نوعها، أن سكان القدس الشرقية يتميزون عن غيرهم من حاملي الإقامة الدائمة، من حيث أن سكان القدس هم سكان اصليون.

بيد انه، على ضوء القرار ولغاية إزالة الغموض عن مضمونه، فقد ارتأينا توضيح النقاط التالية:

  1. قبل ما يربو على ثلاثة أعوام، اتبعت الداخلية الإسرائيلية سياسة جديدة باسترجاع الهويات لمن فقد هويته من المقدسيين شملت من تجنس بجنسيات أجنبية. حيث تعيد الداخلية الهويات للمقدسيين المتجنسين بجنسيات اخرى بشكل تدريجي، على أن يكون طالب استرجاع الهوية قد نقل مركز حياته الى "حدود دولة إسرائيل " وأن يتجه إلى تغيير عنوانه إلى هناك ويصرح بذلك. علاوة على ذلك، يشترط انعدام الموانع الأمنية أو الجزائية في الطالب.

 

  1. على الرغم من ذلك، رفضت الداخلية الاسرائيلية تطبيق تلك السياسة على قضية “عبد الحق" موضوع القرار أعلاه، وتحججت بعدة حجج منها: أن رخصة اقامته قد سحبت قبل عام 1995 (وهو التاريخ الذي لا تنطبق عليه سياسة استرجاع الهويات التي اعتمدتها وزارة الداخلية كما ذكرنا أعلاه). وأن السيد عبد الحق قد خالف القانون بزواجه من اثنتين وأنه يعيش داخل حدود اسرائيل لسنوات عدة بشكل مخالف، كذلك تحججت المحكمة بأن جميع أفراد عائلته يحملون الهويات الفلسطينية، وبالتالي فان ارتباطه بمنطقة السلطة الفلسطينية أكثر من ارتباطه بدولة اسرائيل".  وأنه هاجر الى اسرائيل بعد "ضم" – احتلال القدس الشرقية بثلاثة اعوام فقط ولم يرجع الا بعد بلوغه الخامسة والثلاثين، وهو ما يثبت ضعف ارتباطه بإسرائيل.  

 

3     .بعد استئناف عبد الحق ضد قرار سحب الهوية رفضت لجنة الاستئنافات  ذلك، بعدها لجأ "عبد الحق " للاستئناف امام المحكمة اللوائية بالقدس ولكنها اكدت رفض طلب "عبد الحق" بإرجاع هويته مما اضطره للاستئناف امام المحكمة العليا بحجة أن وزير الداخلية قد استخدم صلاحياته المخولة له برفض استعادة الهوية.  

 

  1. قبلت المحكمة العليا الاسرائيلية استئناف "عبد الحق"، وأمرت بإرجاع الهوية لعبد الحق بصورة تدريجية.  وكتب القاضي "بولجمن" في قراره أن "على وزير الداخلية حينما يفحص طلب إعادة رخصة الاقامة الدائمة أن يأخذ بعين الاعتبار الوضعية المميزة للمقيمين الدائمين المقدسيين، لهم وضعية خاصة فهم مواطنون اصيلون والذين هم بخلاف غيرهم ممن هاجر الى حدود اسرائيل وحمل الاقامة الدائمة -بطريق جمع الشمل على سبيل المثال-. حيث ان المقدسيين اصحاب ارتباط قوي بمكان اقامتهم. وحيث انهم ولدوا في ذلك المكان كما أن ابائهم وأباء اباءهم قد يكونوا قد ولدوا هناك. وقد أسسوا حياة عائلية واجتماعية لسنوات عديدة. " 

 

  1. هذا وعبر القاضي "مزوز" ورئيسة المحكمة القاضية "ناؤور"، كل بطريقته عن تأييدهم لفكرة الوضعية الخاصة لمواطني القدس الشرقية من حيث ارتباطهم بالمكان. حيث انهم وإن أقروا سحب الهوية حين نزع المقيم الدائم نفسه من القدس، الا أنهم رأوا ان ذات الشخص قد اعاد زرع نفسه فيها في منتصف التسعينات. وقد ثمنوا السياسة الجديدة التي اعلنتها وزارة الداخلية بخصوص استرجاع الهويات. لهذا فإن القضاة ما زالوا يؤيدون فكرة سحب الهويات بعد نزع الشخص نفسه من القدس.  

 

  1. على الرغم من ذلك فإن أيا من القضاة لم يتحدث عن ضمانات لاسترجاع جميع الهويات المسحوبة من مواطني القدس الشرقية، لكنهم جميعهم نادوا بالأخذ بعين الاعتبار الوضعية الخاصة لمقيمي القدس الشرقية وارتباطهم القوي بموطنهم الاصلي.

 

  1. يمكن الاستنتاج أنه على الرغم من التطور برؤية المحكمة الى اهالي القدس الشرقية، مقارنة بقرارات سابقة كانت اقل وضوحا في التعبير عن هذه الرؤية، خاصة قرار عوض الذي رفض فيه القاضي "اهارون باراك " النظر الى أهالي القدس على أن لهم وضع متميز، فإن القضاة في هذه القضية أجمعوا على ان كل حالة من حالات استرجاع الهوية يجب ان تدرس على حدا.  وأن هذا القرار لا يشكل ضمانة لاسترجاع كل الهويات، وإن كان يتضمن تسهيلات اتجاه مواطني القدس الشرقية.

 

  1. قد يستفيد من هذا القرار من سحبت هويته قبل عام 1995، بحيث أن الداخلية كانت دائما تتحجج بأن استرجاع الهويات لا يطبق نحوهم. غير أن المحكمة أقرت بضرورة تطبيق استرجاع الهويات نحوهم ان كانوا بالفعل قد اتجهوا بعد عودتهم إلى زرع أنفسهم في القدس.

 

  1. من المؤكد أن القرار لن يؤثر على السياسة المتبعة اتجاه اهالي القدس في مواضيع التامين الوطني أو في مواضيع لم الشمل. لكن قد يكون من شأن هذا القرار أن يؤثر على التقليل في سحب الهويات المقدسية والزيادة في استرجاع الهويات.

 

  1. ختاما فإنا ندعو المعنيين بعدم المبالغة في مدى تأثير القرار. وإن كنا نؤكد إمكانية استخدامه لصالح الحالات المتشابهة في ذات الشأن. كما نؤكد أن المحكمة الاسرائيلية ما زالت بعيدة جدا عن إنصاف أهالي القدس الفلسطينيين في المدينة وتطبيق قيم العدالة الدنيا اتجاههم. والمطلب الذي يعبر فعلا عن حق المقدسيين باعتبارهم سكانا أصليين، هو عدم سحب هوياتهم نهائيا تحت أي ظرف حتى لو نقلوا مركز حياتهم إلى دولة أخرى وأو تجنسوا بجنسيتها وليس فقط امكانية استرجاعها في حال عودتهم تحت شرط أثبات اتخاذهم هذه المدينة مركز حياة لهم.   
  2. ومن جهة أخرى، يدعو مركز العمل المجتمعي-جامعة القدس أولئك الذين يرغبون في استعادة إقامتهم في القدس إلى العمل على ذلك، فلا شك أن هذه السابقة الصادرة من المحكمة العليا الإسرائيلية تشكل فرصة للكثيرين ممن كانوا قد فقدوا الأمل بالعودة.